يُعتبر الزهايمر من أخطر أمراض الشيخوخة وأكثرها انتشارًا عالميًا، إذ يؤدي إلى تدهور تدريجي في الذاكرة والقدرات الإدراكية، مما ينعكس بشكل كبير على حياة المريض وأفراد أسرته. ووفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، يبلغ عدد المصابين بهذا الداء حوالي 55 مليون شخص حول العالم، مع توقعات بارتفاع العدد إلى ما يفوق 139 مليونًا بحلول سنة 2050 إذا لم تُعتمد استراتيجيات وقائية فعّالة. هذه المؤشرات المقلقة دفعت الأوساط العلمية إلى البحث عن طرق جديدة للتقليل من مخاطر المرض أو على الأقل تأجيل ظهوره، وكان من أبرز تلك الطرق الأنشطة الذهنية والألعاب العقلية.
الألعاب الإلكترونية
أشارت دراسة حديثة إلى أن ممارسة ألعاب الفيديو قد تُسهم في تعزيز وظائف الدماغ لدى المسنين، خصوصًا ما يتعلق بالذاكرة والانتباه. وأوضحت النتائج أن هذه الألعاب قادرة على التخفيف من الاضطرابات الإدراكية المبكرة، التي تُعد مؤشرًا أوليًا على احتمالية الإصابة بالزهايمر. ومع ذلك، شدّد الباحثون على ضرورة الاعتدال في الممارسة، بحيث لا تتجاوز ساعتين أسبوعيًا، لتفادي آثار جانبية محتملة مثل قلة النشاط البدني أو الإجهاد الذهني.
الكلمات المتقاطعة
حل الكلمات المتقاطعة لا يقتصر على كونه نشاطًا للتسلية، بل يُعد تمرينًا معرفيًا فعّالًا. فقد كشفت دراسة مشتركة بين جامعتي كولومبيا وديوك أن الأشخاص الذين يداومون على ممارسة هذا النوع من الأنشطة يتمكنون من تأخير ظهور أعراض الزهايمر لمدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات مقارنة بغيرهم. ويُعزى ذلك إلى أن الكلمات المتقاطعة تُحفّز الذاكرة اللغوية، وتدفع الدماغ إلى استدعاء المعلومات باستمرار والتفكير في حلول، مما يساعد على الحفاظ على القدرات العقلية لفترة أطول.
الشطرنج
تُعتبر لعبة الشطرنج من أعرق الألعاب الذهنية التي ارتبطت بالتركيز العميق والتفكير الاستراتيجي. وهي وسيلة فعّالة لتدريب الذاكرة وتنشيط الدماغ. فكل حركة على الرقعة تتطلب توقعًا وتحليلًا متواصلًا، وهو ما يساهم في تعزيز المرونة الإدراكية وتأخير التراجع المرتبط بالزهايمر. إلى جانب ذلك، فإن البُعد الاجتماعي للشطرنج عند ممارسته مع الآخرين يضيف فائدة إضافية، إذ تقوي الروابط الاجتماعية التي تُظهر الدراسات أنها عامل مهم في تقليل احتمالية الإصابة بالخرف.
السودوكو
تُعد لعبة السودوكو، التي تقوم على ترتيب الأرقام وفق قواعد دقيقة، من أبرز الأنشطة التي تساهم في إبقاء الدماغ نشطًا. فقد أثبتت الدراسات أن ممارستها بانتظام تعزز من مهارات التفكير المنطقي، وتدعم مستويات التركيز والانتباه، الأمر الذي يساهم في تقليل مخاطر الزهايمر. وبما أن السودوكو تقوم على التحدي المستمر والبحث عن الاحتمالات الصحيحة، فإنها تساعد العقل على البقاء في حالة يقظة دائمة حتى مع التقدم في السن.