يُولد الإنسان بقدرات عصبية ودماغية تحدد له في الغالب أي اليدين ستكون أكثر سيطرة، وهو ما يُعرف بـ"اليد المهيمنة". فالبعض يفضلون استخدام اليد اليمنى، بينما يُولد آخرون بقدرات تجعل اليد اليسرى أكثر قوة ومرونة في الكتابة والحركة الدقيقة. هؤلاء يُعرفون بـ"اليسراويين"، ويشكلون نحو 10% من سكان العالم.
لكن المثير أن هناك فئة ثالثة من الأشخاص: اليسراويون الذين يكتبون باليد اليمنى. وهؤلاء عادة ما تكون أيديهم اليسرى أكثر قوة بطبيعتها، لكنهم تعودوا أو اضطروا لاستخدام اليد اليمنى في الكتابة لأسباب اجتماعية أو تربوية. ففي كثير من الثقافات كان يُنظر إلى الكتابة باليسار نظرة سلبية أو غير مألوفة، مما دفع الأسر والمدارس إلى إلزام الأطفال باستخدام اليد اليمنى.
أسباب هذه الظاهرة
-
العامل الثقافي والتربوي: في مجتمعات عدة كان يُشجع الأطفال أو حتى يُجبرون على الكتابة باليد اليمنى.
-
التكيف العملي: بعض الأدوات والآلات صُممت أساسًا لليد اليمنى، مما جعل من الأسهل استخدام اليمنى بدل اليسرى.
-
المرونة العصبية: الدماغ يتمتع بقدرة على التكيف، فيستطيع بعض اليسراويين تدريب اليد اليمنى للكتابة دون فقدان السيطرة الكاملة على اليد اليسرى في الأنشطة الأخرى.
الإنعكاسات النفسية والسلوكية
-
بعض الدراسات تشير إلى أن إجبار اليسراوي على استخدام اليد اليمنى قد يؤثر على التركيز أو الخط في مرحلة الطفولة.
-
آخرون يرون أن هذه الازدواجية قد تمنح الشخص قدرة خاصة على التكيف، وربما مرونة أكبر في بعض المهام الحركية.
-
في حالات نادرة قد يؤدي الضغط المستمر إلى مشكلات مثل التلعثم أو صعوبة التعلم في الصغر، لكن ذلك يختلف من شخص لآخر.
في العصر الحديث، تغيرت النظرة تجاه أصحاب اليد اليسرى، وأصبحت المجتمعات أكثر تقبلاً لهم. لم يعد هناك ضغط كبير لإجبارهم على استخدام اليد اليمنى في الكتابة، بل ظهرت أدوات ووسائل تعليمية مخصصة لهم. ومع ذلك، ما زالت هناك فئة ممن يكتبون باليمين ويمارسون أنشطة أخرى باليسار، ليظلوا مثالًا على قدرة الإنسان على التكيف مع محيطه .