لم يكن اختيار باريس لتتربع على عرش عواصم الموضة العالمية محض صدفة، بل نتيجة لمسار طويل وحافل امتد منذ منتصف القرن الماضي، رسخ حضورها كوجهة أولى لأبرز المصممين وعشاق الأناقة. ويكفي أن نستحضر الثورة الإبداعية التي أحدثها رواد هذه الصناعة، من أمثال كوكو شانيل وكريستيان ديور، لندرك حجم الإرث الذي جعل من العاصمة الفرنسية منارة متجددة للفن والابتكار.
ولا يزال أسبوع باريس للموضة حتى اليوم يشكل المحطة الأبرز في أجندة عروض الأزياء الجاهزة، بفضل قدرته على المزج بين الرؤى الحديثة والأرشيف العريق لكبار المبدعين، إلى جانب إفساح المجال أمام جيل جديد من المصممين الذين يتسلمون زمام القيادة. كما أن انفتاحه على مصممين من مختلف العواصم العالمية، ومن بينهم المبدعون العرب وخاصة اللبنانيون، أسهم في إثراء المشهد الباريسي وجعلهم جزءاً أصيلاً منه.
مع انطلاق اليوم الرابع من عروض أزياء ربيع وصيف 2026، يتجدد التأكيد على أن باريس ما زالت تتربع على عرش الموضة العالمية، محافظة على لقبها كعاصمة النور ومركز الإبداع. فمن منصة إلى أخرى، يلمس المتابع الجهود الكبيرة المبذولة لترسيخ حضور المدينة في صياغة اتجاهات الأزياء لمواسم المستقبل.
وفي هذا السياق، نوافيكِ بأبرز ما حملته العروض حتى الآن، لتكوني على اطلاع مسبق بأحدث التصاميم واللمسات التي ستحدد ملامح الموضة القادمة
استهلّت المصممة أوما وانغ (Uma Wang) عروض اليوم الرابع من أسبوع باريس للموضة بمجموعة تحمل بصمة فنية رفيعة، استقت خطوطها من جمالية تماثيل عصر النهضة. للوهلة الأولى، قد تبدو التصاميم بسيطة بفضل نعومة قصّاتها، غير أن التعمق في تفاصيلها يكشف عن قوة مستمدة من رؤيتها لامرأة عصرية مثقلة بالمسؤوليات.
المجموعة قدّمت باقة أنيقة من الإطلالات الرسمية الملائمة لأجواء العمل، فيما جاءت لوحة الألوان لتعزز هذا الطابع، مع اعتماد النغمات الترابية كأساس. لفتت الأنظار الإطلالات الافتتاحية المظللة بتدرجات الجملي، وتألقت التصاميم الفضفاضة باللون الأبيض الكريمي لتمنح إحساساً بالانسيابية. أما الأسود، فقد أتى كفاصل أنيق مهّد الطريق نحو تشكيلة راقية من البني الكاكاو والرمادي والكاكي الداكن، في انسجام يكرّس حضور المجموعة كأحد أبرز محطات هذا الموسم.